هذه الوحدة التعليمية هي مورد مرجعي للمحاضرين
استغلال وضعية الاستضعاف
حظي استغلال وضعية الاستضعاف، بوصفه أحد أركان "الوسائل" الواردة في تعريف الاتجار، بقدرٍ كبير من الاعتبار. تنص الأعمال التحضيرية (سجل مفاوضات الأمم المتحدة) الخاصة ببروتوكول مكافحة الاتجار بالأشخاص على أن الشخص الضعيف هو الشخص الذي "لا يكون لديه أي بديل حقيقي ومقبول سوى الخضوع للاستغلال الواقع عليه". وتعليقًا على هذا التعريف، يشرح مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، في ورقة المناقشة الصادرة باسم استغلال حالة الاستضعاف وغيرها من "الوسائل" المذكورة في تعريف الاتجار بالأشخاص، أن المستضعفين هم الذين يصعب عليهم تحديدًا ممارسة حقوقهم ممارسةً كاملة أمام النظام القضائي المعترف به في القانون لأسباب العمر أو النوع الاجتماعي أو الحالة البدنية أو العقلية أو بسبب ظروف اجتماعية أو اقتصادية أو أخلاقية أو ثقافية.
الإطار 24
استغلال وضعية الاستضعاف
الأسلوب الأفضل لتقييم وجود الاستضعاف هو تقييمه تبعًا للحالة، على أن تؤخذ بعين الاعتبار أحوال الضحية المزعوم الشخصية والمكانية أو الظرفية. فالاستضعاف الشخصي، على سبيل المثال، يمكن أن يتعلق بكون الشخص المعني ذا إعاقة بدنية أو عقلية. أما الاستضعاف المكاني فيمكن أن يتعلق بكون الشخص موجودًا بصورة غير نظامية في بلدٍ أجنبي يعاني فيه من عزلة اجتماعية أو لغوية. وأما الاستضعاف الظرفي فيمكن أن يتعلق ببطالة الشخص المعني أو عَوَزه الاقتصادي. وهذه الأشكال من الاستضعاف يمكن أن تكون موجودة مسبقًا، كما يمكن أن يسببها المُتجر. فالاستضعاف الموجود مسبقًا يمكن أن يكون، على سبيل المثال لا الحصر، ذا صلة بالفقر، أو بإعاقة عقلية أو بدنية، أو بصغر السنّ أو كبر السنّ، أو بنوع الجنس، أو بالحمل، أو بالثقافة، أو باللغة، أو بالمعتقد؛ أو بالحالة الأسرية، أو بالوضعية غير النظامية. أما الاستضعاف المسبَّب فيمكن أن يكون، على سبيل المثال لا الحصر، ذا صلة بالعزلة الاجتماعية أو الثقافية أو اللغوية، أو بالوضعية غير النظامية، أو بالارتهان الناشئ عن الإدمان على المخدرات، أو بارتباط رومانسي أو عاطفي، أو باستخدام الطقوس أو الممارسات الثقافية أو الدينية.
مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، استغلال حالة الاستضعاف وغيرها من "الوسائل" المذكورة في تعريف الاتجار بالأشخاص (2013)
يجمع القانون العربي الاسترشادي لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر لعام 2012 جميع تلك الأركان في تعريف استغلال وضعية الاستضعاف على النحو التالي:
الإطار 25
المادة 1 (8) من القانون العربي الاسترشادي لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر
استغلال حالة عجز جسدية أو عقلية أو نفسية أو وضع قانوني معين أو أي حالة تؤثر على إرادة أو تصرفات الضحية بحيث لا يكون لديه أي بديل حقيقي ومقبول سوى الخضوع للاستغلال الواقع عليه.
ويمثل الإثبات على حالة الاستضعاف ركنًا مهمًا لحالة الاتجار، ويمكن أن يكون مؤشرًا حاسمًا لتحديد الضحايا. ويمكن أيضًا أن ينتج عن التقييم الدقيق لحالة الاستضعاف الدعم والحماية المناسبين للضحايا.
ومع ذلك، من الأهمية التفريق بين "حالة الاستضعاف" كما هي "واستغلال وضعية الاستضعاف" بوصفه أحد "الوسائل" المذكورة في البروتوكول. فإثبات حالة الاستضعاف ليس إثباتًا بطبيعته على استغلال المجرم لحالة الاستضعاف تلك. ويلزم أن يثبت المدعي العام كل من وجود حالة الاستضعاف واستغلال حالة الاستضعاف بأدلة ذات مصداقية. ويمكن أن تكون حالة استضعاف الضحية مؤشرًا على استغلال تلك الحالة، ولكن لن تشكِّل وسيلة للاتجار ما لم يتم استغلالها لإلغاء موافقة الضحية. وكما هو مذكور في المذكرة الإرشادية بشأن "استغلال حالة الاستضعاف" كوسيلة للاتجار بالأشخاص، حسبما ورد في المادة 3 من بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمّل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (2012)، يحدث استغلال وضعية الاستضعاف عندما:
- يُستخدم استضعاف الفرد الشخصي أو المكاني أو الظرفي عمدًا، أو يستفاد منه على نحو آخر، لتجنيد ذلك الشخص أو نقله أو تنقيله أو إيوائه أو استقباله لغرض استغلاله؛
- يعتقد ذلك الشخص أن الإذعان لإرادة المستغل هو الخيار الفعلي أو المقبول الوحيد المتاح له؛
- ويكون ذلك الاعتقاد معقولاً في ظروف الحالة.
وكما هو مذكور في المذكرة الإرشادية، لدى تقرير ما إذا كان اعتقاد الضحية بأنه ليس له خيار فعلي أو مقبول آخر هو اعتقاد معقول، ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار الظروف الشخصية للضحية.
وإن استغلال حالة الاستضعاف، شأنه شأن أي "وسيلة" أخرى، ينطبق على جميع أشكال الاتجار وجميع الأغراض الاستغلالية التي ذكرت في كلٍ من البروتوكول والقوانين الوطنية. فالعثور على الاستغلال يتوقف على توافر دليل ذي مصداقية يثبت وجود حالة الاستضعاف لدى الضحية وغرض استغلال تلك الحالة لدى المُتجر. وينبغي ألا يكون هذا العثور مهمًا للغرض الاستغلالي المعين للحالة.
وإضافةً إلى ما سبق، يجب الأخذ بعين الاعتبار أن عدم وجود تعريف واضح لمفهوم استغلال حالة الاستضعاف قد يخلق تحديات ينبغي تجديدها وإدارتها. فإساءة استخدام هذا المفهوم، على سبيل المثال، يمكن أن تمس حقوق الضحايا، بالإضافة إلى حقوق الأشخاص المتهمين (مثل الحق في المحاكمة المنصفة). ووفقًا لما هو مذكور في المذكرة الإرشادية، يمكن أن تفضي إساءة التطبيق إلى توسيع مفهوم الاتجار على نحو ينتقص من طابعه الأساسي كجريمة بالغة الخطورة وانتهاك لحقوق الإنسان.
الإطار 26
استغلال وضعية استضعاف: القضية رقم FR002-3، محكمة التمييز الفرنسية، الدرجة الثالثة
الوقائع الرئيسية: أُحضِرَ مواطن إيفواري إلى فرنسا بطريقة غير مشروعة وهو في عمر 15 عام من أجل العمل في منزل المتهم ورعاية الأطفال. كانت الضحية ضعيفة تحديدًا لأنها كانت طفلاً دون إذن إقامة قانونية. وتُوُفِّي والدا الضحية خلال الفترة التي أجبرت فيها على السخرة. ولم تمتلك الضحية جواز سفر، وكانت معتمدة اعتمادًا تامًا على الأسرة التي تخدمها. وعلى وجه الخصوص، لم تحصل الضحية على أجر نظير رعاية الأطفال والعمل المنزلي. ولم تذهب الضحية إلى المدرسة، ولم تحصل على أي أيام راحة أو إجازات، ولم تحصل أيضًا على مكان خاص في المنزل حيث كانت تنام على مرتبة على الأرض في نفس غرفة الأطفال.
قرار محكمة الاستئناف: رفضت محكمة الاستئناف الادعاء بأن ظروف المعيشة والعمل تنافت مع الكرامة الإنسانية. على وجه التحديد، أشارت المحكمة إلى أن الضحية المزعومة أقامت علاقات ودودة مع أطفال الأسرة وكانت ظروف سكنها مشابهة لظروف أفراد الأسرة. قضت محكمة الاستئناف بعقوبة مدنية على أساس العمل غير المشروع لمهاجر واستغلال حالة استضعاف شخص للحصول على خدمات مجانية.
العقوبات/ التعويضات: أيدت محكمة التمييز الحكم بالتعويض النقدي الصادر من محكمة الاستئناف مع السجن لمدة شهر. بلغت قيمة التعويض 5000 يورو وشملت كل من الأضرار المادية والمعنوية.
المفوضية الأوروبية، دراسة بشأن السوابق القضائية المتعلقة بالاتجار بالبشر بغرض الاستغلال في العمل: التقرير النهائي (2015)
الإطار 27
الاتجار لغرض الاستغلال في العمل، اليونان، قضية "مانولادا" (EL-002)
الوقائع الرئيسية: تعلقت القضية باستغلال 30 عاملاً من بنغلاديش في مزرعة فراولة. وُجِّهَت اتهامات إلى مالك المزرعة ورئيس العمال، وكذلك رجل الأعمال الذي يمول الإنتاج من خلال استلام محصول الفراولة وتوزيعه بصورة حصرية في السوق، بإطلاق النار وإصابة نحو 30 عاملاً من بنغلاديش يعملون في جمع محصول الفراولة طالبوا بالحصول على أجورهم غير المدفوعة؛ حيث تعرض بعض المهاجرين لإصابات بالغة الخطورة. كان المهاجرون يعملون مقابل أجور منخفضة، وحصلوا على مواد لبناء أكواخ ليعشوا فيها جميعًا. حصل الضحايا على طعامهم وأدوات النظافة الشخصية من سوبر ماركت محلي محدد أبرم معه المنتج اتفاقًا مقابل خصم التكاليف ذات الصلة من أجورهم الشهرية. وحدث إطلاق النار عندما بدأ الضحايا إضرابًا خلال ذروة موسم حصاد الفراولة للمطالبة بأجور الأشهر الستة الماضية في حين سعى مالك المزرعة إلى تعيين عمال آخرين، مما تسبب في توتر الأجواء في الحقل حيث حاول الضحايا منع جامعي الفراولة الجدد من العمل. وأطلق أحد رؤساء العمال الرصاص في الهواء لترهيب الضحايا، ولكن عندما بقوا في الحقل فتح النار عليهم.
قرار هيئة المحلفين مختلطة العضوية في محكمة باتراس: برأت المحكمة بالإجماع جميع المتهمين فيما يتعلق بجرم الاتجار بالبشر لغرض السخرة. وجدت المحكمة الابتدائية أن الأدلة لم تكن كافية لإثبات مفهوم الاستضعاف استنادًا إلى نص المادة 323 أ من القانون الجنائي. مع ذلك، أُدين المتهمون بارتكاب عملاً إجراميًا أفضى إلى إصابات جسدية بالغة الخطورة. وراجع المدعي العام الحكم للمحكمة العليا (236) ورأى أنه لا توجد أسانيد للاستئناف بالتمييز.
المفوضية الأوروبية، دراسة بشأن السوابق القضائية المتعلقة بالاتجار بالبشر بغرض الاستغلال في العمل: التقرير النهائي (2015)
التالي: مؤشرات الاتجار بالأشخاص
العودة إلى الأعلى