نُشرت النسخة الإنجليزية لأول مرة في تموز (يوليو) 2018؛ نُشرت الترجمة العربية في نيسان (أبريل) 2021.
هذه الوحدة التعليمية هي مورد مرجعي للمحاضرين
تصنيف الأشخاص
إن المبدأ الأساسي الذي يمثل حجر الزاوية في القانون الدولي الإنساني هو مبدأ التمييز الذي يجب على جميع أطراف النزاع الالتزام به في جميع الأوقات، أي "التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، ومن ثم توجه عملياتها ضد الأهداف العسكرية دون غيرها" (المادة 48 من البروتوكول الإضافي الأول). وهذا يعني أنه يجب أن تكون هناك حدود تعريفية واضحة بين "السكان المدنيين" (الذين هم أشخاص محميون ولا يمكن استهدافهم عمداً مطلقًا إلا إذا غيروا وضعهم إلى مقاتلين أو إذا حملوا السلاح، انظر، على سبيل المثال، المادة 50 (1) البروتوكول الإضافي الأول) و"المقاتلون" (الذين يمكن استهدافهم عمدا). ويُعتبر التصنيف الصحيح مهم لأنه، في حالات النزاعات المسلحة الدولية، بموجب اتفاقية جنيف الثالثة للمقاتلين الحق في الحماية كأسرى حرب بعد إلقاء القبض عليهم؛ و"يمكن ملاحقتهم قضائيا فقط بسبب انتهاكات القانون الإنساني الدولي، وخاصة جرائم الحرب" (المادة 43 (2) البروتوكول الإضافي الأول). وعلى الرغم من أن الدول لم توافق على توسيع امتيازات هؤلاء المقاتلين في النزاعات المسلحة غير الدولية لتشمل أعضاء الجماعات المسلحة المنظمة أو المدنيين المشاركين مباشرة في الأعمال العدائية، فقد تختار معاملة المقاتلين الأسرى كسجناء حرب كمسألة سياسية (كانت الدراستان ميزلر، 2016، وبيجك، 2012، الفصل 7، مفيدتين بشكل خاص في صياغة هذا القسم).
كما يقدم هذا القسم نظرة عامة على القواعد التي تحكم تصنيف المحاربين (النزاعات المسلحة الدولية) والمقاتلين (النزاعات المسلحة الداخلية) ويحدد بعض مجالات الخلاف الرئيسية التي أحاطت بتصنيف الجهات الإرهابية من غير الدول مثل القاعدة وداعش.
المحاربون والنزاعات المسلحة الدولية (IAC)
نقطة البداية هي أن جميع أعضاء الطرف المتحارب في النزاع، سواء كانوا بطبيعتهم دولة أو غير دولة، محاربون. والاستثناء من هذه القاعدة العامة هم الأفراد المنخرطون فقط في وظائف إنسانية (أفراد طبيون ودينيون) (المادة 43 (2) البروتوكول الإضافي الأول).
وإن المحاربون (وبالتالي أسرى الحرب أيضاً)، على النحو المحدد في القانون الإنساني الدولي، هم أعضاء في القوات المسلحة لدولة ما أو جماعات تم استيعابها في دولة على النحو المحدد في اتفاقية جنيف الثالثة (المواد 4 (أ) (1)-(3) و(6)). وتجدر الإشارة إلى أن المادة 4 (أ) (2)، فيما يتعلق بمقاتلي الجيش غير النظاميين، مثل أولئك الذين يقاتلون من أجل المليشيات وحركات المقاومة، تحدد أربعة معايير رئيسية يجب استيفاؤها من أجل أن تقع في نطاق الاتفاقية:
(أ) أن يقودها شخص مسؤول عن مرؤوسيه؛
(ب) وجود علامة مميزة ثابتة يمكن التعرف عليها عن بعد؛
(ج) حمل السلاح علانية؛
(د) القيام بعملياتهم وفقاً لقوانين وأعراف الحرب.
وتم تعديل هذه المعايير الأصلية، من خلال البروتوكول الإضافي الأول من أجل جلب الحروب غير التقليدية، مثل الكفاح المسلح ضد الهيمنة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي - الذي قد يعتبره البعض إرهابا - ضمن معايير اتفاقيات جنيف (المادة 1 (4)). وعلى الرغم من وجود بعض الفوائد، مثل حماية السكان المدنيين، المرتبطة بعكس واقع حرب العصابات، فقد أدى ذلك أيضًا إلى تخفيف المعايير الأصلية بدرجة أقل من الوضوح فيما يتعلق بمن يشكل محارباً لأغراض القانون الإنساني الدولي. وهذه الشكوك و عدم اليقين لا تساعدها الخلافات المستمرة بشأن ما إذا كانت بعض الجماعات المسلحة على الأقل تشارك في صراعات مشروعة لتقرير المصير أو أنشطة إرهابية إجرامية.
يعرّف البروتوكول الإضافي الأول القوات المسلحة بأنها تشمل "جميع القوات والجماعات والوحدات المسلحة المنظمة الخاضعة لقيادة مسؤولة تجاه ذلك الطرف عن سلوك مرؤوسيها" (المادة 43 (1)). ومن الجدير بالذكر أنه بموجب البروتوكول الإضافي الأول من المادة 44 (3)، كان هناك تخفيف من التزام المحاربين بتمييز أنفسهم. تم وصف هذه التغييرات في المصطلحات التالية:
في حين أن المحاربين الذين لم يميزوا أنفسهم عن السكان المدنيين بشكل دائم فقدوا حقهم في وضع المقاتل، فقد سمح البروتوكول الإضافي الآن للمحاربين في ظروف معينة بتمييز أنفسهم فقط من خلال حمل السلاح علنًا خلال الاشتباك العسكري وبينما يكونوا مرئيين للعدو في عملية انتشار عسكري تسبق الهجوم.
ومع ذلك، قد تنشأ عواقب سلبية على الأفراد الذين لا يمتثلون بشكل كامل للقانون الدولي الإنساني. فعلى سبيل المثال، قد لا يمنحون وضع أسير الحرب إذا أسروا (انظر المادة 46 من البروتوكول الإضافي الأول). وكما هو الحال مع هؤلاء المقاتلين الذين يمتثلون للمعايير الأربعة، فإن هؤلاء المقاتلين الذين لا يمتثلون لها يمكن بالمثل أن يحاكموا جنائياً بسبب انتهاكات القانون الدولي الإنساني.
وتكشف الأعمال التحضيرية أن هذه التغييرات كان من المفهوم والمتوقع من قبل المندوبين المشاركين أن تنطبق فقط في ظروف استثنائية. على سبيل المثال، في سياقات حيث "بسبب طبيعة الأعمال العدائية"، لم يكن من الممكن للمحارب المسلح أن يميز نفسه إلا بحمل السلاح بشكل علني أثناء الاشتباك العسكري أو قبله، أي خلال حروب التحرير الوطني وحالات الاحتلال. ومع ذلك، كان هناك قلق كبير بين بعض الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة التي لا تزال ترفض التصديق على البروتوكول الإضافي الأول (والبروتوكول الثاني)، من أن مثل هذه التعديلات قد تهدد بالامتداد إلى تغطية "الإرهابيين" وحمايتهم.
ومن الناحية العملية، كانت أهمية مثل هذه المخاوف ضئيلة للغاية حيث أن الالتزامات، مثل حماية السكان المدنيين، بموجب اتفاقيات جنيف هي التزامات مطلقة؛ أعمال العنف التي تتم بين محاربين معترف بهم هي أعمال مشروعة ولا تشكل إرهابًا؛ وعدد حركات التحرر الوطني أو الحالات الأخرى المنصوص عليها في المادة 1 (4) من البروتوكول الإضافي الأول صغير جدًا؛ وأصبحت معظم الدول أطرافا في البروتوكول الإضافي الأول، مما يشير إلى أنها لا توافق على أن التعديلات تيسر الأعمال الإرهابية.
ومن الجدير بالملاحظة أيضًا أن المشاركة المباشرة للمدنيين في الأعمال العدائية ليست في حد ذاتها جريمة حرب (ما لم تُنفذ بشكل خادع) لأنها حقيقة حتمية للنزاع المسلح. لا يمكن تحديد فقدان الحماية لأي شخص ضد الهجوم المباشر (ينطبق فقط على المدنيين الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية) إلا من خلال العوامل التي يعترف بها القانون الإنساني الدولي، أي الانتماء إلى قوة مسلحة طرف في النزاع، أو مدني يشارك بشكل مباشر عبر مظاهرة/انتفاضة جماهيرية أو خلاف ذلك في الأعمال العدائية للفترة التي يشاركون فيها. ومع ذلك، ينظم عدد من العقوبات الدولية والمحلية مثل هذا السلوك. وكما ذكرنا من قبل، يفقد المدنيون بموجب القانون الدولي الإنساني وضعهم المحمي عندما يشاركون بالفعل في الأعمال العدائية المباشرة، مما يعني أنه يمكن استهدافهم وقتلهم بشكل قانوني من قبل الخصم مثل أي محارب.
وكما يسمح القانون الدولي الإنساني المطبق على النزاعات المسلحة الدولية باعتقال مثل هؤلاء المدنيين ما دام يُعتبر أنهم يشكلون تهديداً لسلطة الاحتجاز، وهو ما قد يكون حتى نهاية الأعمال العدائية النشطة. وكما يتضح، على سبيل المثال، من استمرار الصراع في أفغانستان بين الحكومة ومظاهرات طالبان، قد يعني هذا الاعتقال لسنوات عديدة إذا أذنت به الأمم المتحدة. وعلاوة على ذلك، كما هو الحال بالنسبة للمحاربي القوات المسلحة النظامية، يمكن محاكمة هؤلاء المدنيين على ارتكاب جرائم حرب إذا هاجموا المدنيين أو الأعيان المدنية. بالإضافة إلى ذلك، بما أن المدنيين المشاركين لا يتمتعون بنفس حالة الحصانة القتالية التي تتمتع بها القوات المسلحة النظامية، فقد تتم مقاضاتهم جنائياً بموجب القانون المحلي من قبل الدولة الحاجزة/المعتقِلة بسبب حملهم السلاح وارتكاب أعمال عنف، بما في ذلك ضد الأهداف العسكرية المسموح بها بموجب القانون الدولي الإنساني.، ولكنها تشكل جرائم جنائية محلية. مع هذه العقوبات، فإن الفوائد العملية والسياسية المرتبطة بتوصيف بعض الأعمال على أنها "إرهابية" في طبيعتها محدودة بخلاف دلالاتها السياسية والأيديولوجية ذات الصلة.
"المقاتلين" والنزاعات المسلحة الغير دولية (NIAC)
على النقيض من حالات النزاع المسلح الدولي، لا توجد مثل هذه القواعد التفصيلية للنزاع المسلح الداخلي، لا سيما فيما يتعلق بالمفاهيم الرئيسية مثل "المدنيين" و"القوات المسلحة" و"الهجمات"، ولا تنظيم سير العمليات العسكرية بأي تفاصيل. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى قلق العديد من الدول المتعاقدة من عدم إعطاء أي انطباع عن الشرعية أو الامتياز للكيانات التي تحمل السلاح ضدها مثل القوات المسلحة المنشقة، والجماعات المتمردة وغيرها من الدول المتحاربة. ومع ذلك، تقدم المادة المشتركة 3 من اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الثاني بعض التوجيهات بشأن سير الأعمال العدائية في حالات النزاعات المسلحة غير الدولية.
وبشكل ملحوظ، ينطبق مبدأ التمييز الأساسي نفسه بشكل متساوٍ أثناء النزاعات المسلحة غير الدولية بين "المقاتلين" (بدلاً من "المحاربين") وبين المقاتلين وقوات الدولة والمدنيين. وتتألف الفئة السابقة من "القوات المسلحة" و"القوات المسلحة المنشقة" و"الجماعات المسلحة المنظمة الأخرى" التي تنفذ "عمليات عسكرية مستمرة ومتضافرة" تحت "القيادة المسؤولة". ويجب أن يكون الغرض الأساسي من تصنيف هؤلاء الأشخاص يتعلق بسير أعمالهم العدائية ويجب ألا يؤثر على معاملتهم إذا تم، على سبيل المثال، أسرهم وحرمانهم من حريتهم (انظر المادة 3 (1) المشتركة من اتفاقيات جنيف؛ المادتان 1 (1) و13 (1) البروتوكول الإضافي الثاني). ولذلك، فإن أي شخص يتم القبض عليه أو احتجازه أو اعتقاله في حالات النزاع المسلح الدولي يمكن أن يتمتع بنفس المستوى من الحماية بموجب القانون الإنساني الدولي، بغض النظر عن وضعه أو مشاركته في الأعمال العدائية، وبغض النظر عمن يحتجزه، دولة أو أطراف من غير الدول (المادة المشتركة 3 (1) لاتفاقيات جنيف؛ المادتان 4 و5 من البروتوكول الإضافي الثاني)، على الرغم من أن هذا لا يزال موضع خلاف كبير بما في ذلك بين الدول.
والفئة الأخرى من "المدنيين" هم أعضاء في "السكان المدنيين" و"الأفراد المدنيون" الذين "يتمتعون بحماية عامة ضد الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية" التي تقوم بها هذه القوات أو الجماعات المسلحة (المادة المشتركة 3 من اتفاقيات جنيف؛ المواد 1 (1) و13 (1) البروتوكول الإضافي الثاني). لذلك، يُحظر أي هجوم مباشر على هذه الفئة الأخيرة من الأشخاص، إلى جانب أي أعمال أو تهديدات بالعنف يكون الغرض الأساسي منها نشر الرعب بين السكان المدنيين (المادة 13 (2) البروتوكول الإضافي الثاني).
في حالات النزاعات المسلحة غير الدولية، حيث لا يوجد امتياز رسمي للقتال كما هو الحال بالنسبة للنزاعات المسلحة الدولية، يتم التمييز بين المدنيين وتلك القوات المتحاربة من الأطراف المتحاربة. من المسلم به عموماً أن أثر المادة 3 المشتركة والبروتوكول الإضافي الثاني هو أن الجماعات المسلحة المنظمة، مثل القوات المسلحة للدولة، لا تعتبر مدنية. بشكل عام، تعتبر هذه الجماعات أنها تفقد وضعها المدني وتكون عرضة لهجوم قانوني كما هو الحال مع المحاربين في سياقات النزاعات المسلحة الدولية. وبالتالي، تُستخدم أحيانًا مصطلحات مثل "المقاتلين" أو "المحاربين الغير قانونين أو الغير مميزين" لوصف هؤلاء الأشخاص.
ولكن هذه المصطلحات ليس لها وضع قانوني رسمي في القانون الدولي الإنساني الذي لا يستخدمها. بشكل ملحوظ، حتى عندما يتم استخدام هذه المصطلحات، فإنه لا يؤثر على الوضع القانوني أو الحماية الإنسانية الممنوحة لهؤلاء الأشخاص بموجب القانون الدولي الإنساني. من الناحية الفنية، يعني مصطلح "المقاتل الغير مميز" أن الشخص ليس لديه الحق القانوني في المشاركة مباشرة في الأعمال العدائية (مثل عضو في القوات المسلحة). وبما أنه لا يتمتع بامتياز المحارب، فإنه يمكن محاكمته على أي فعل أو امتناع عن فعل منصوص عليه في القانون المحلي ذي الصلة، حتى إذا كان هذا السلوك مسموحًا به بموجب القانون الدولي الإنساني. وعلى النقيض من ذلك، فإن أنشطة القوات المسلحة للدولة ووكالات إنفاذ القانون، التي تمتثل للقانون الإنساني الدولي، ستُعتبر بشكل عام مسموح بها ومشروعة بموجب القوانين الوطنية للدولة المعنية.
ويحتمل أن يكون مصطلح "المحارب غير القانوني" أكثر إشكالية لأنه على الرغم من أن القانون الدولي الإنساني يقيد الحق في الانخراط مباشرة في الأعمال العدائية للمحاربين المتميزين، فإنه لا يمنع أي شخص، بما في ذلك المدنيين، من حمل السلاح في حالات النزاعات المسلحة؛ فإنه يعلق فقط وضعهم المحمي خلال فترة هذا النشاط ويحظر سلوك معين. وفي المقابل، من الممكن أن تتبنى الدول تشريعات تجرِّم سلوك "القتال غير المميز"، مما يجعله "غير قانوني" بموجب قانونها المحلي.
الجهات والجماعات الإرهابية
إن تصنيف العناصر الإرهابية من غير الدول، مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (ISIL)، مثير للجدل، لا سيما أنه لا يوجد تصنيف "إرهابي" في القانون الدولي الإنساني، على الرغم من أنه يعترف بالأعمال الإرهابية ويحظرها. فهل هم أطراف في نزاع يُجبرهم على الالتزام بالالتزامات، ولكن أيضًا يُعطيهم الامتيازات المرتبطة بالقانون الدولي الإنساني؟ وهل يمكن تمييزهم عن قوات "حرب العصابات"، التي تقع ضمن معايير البروتوكول الإضافي الأول لتحديد المحاربين إذا استوفوا الحد الأدنى المطلوب من المعايير؟ أم أنهم مجرمون مدنيون لا يتمتعون بهذه الحماية (على سبيل المثال من الملاحقة القضائية لاستهداف المقاتلين) ويحكمهم القانون الجنائي الوطني والدولي؟ وقد يعتمد ذلك جزئياً على ما إذا كانت هذه الجماعات الإرهابية مرتبطة بأحد أطراف النزاع وإلى أي مدى، بما في ذلك من حيث مستوى القيادة والسيطرة التي تمارسها عليها. بالإضافة إلى ذلك، حتى إذا كانت مرتبطة بطرف ما، هناك مشكلة أخرى وهي تحديد ما إذا كانت أنشطتها لها علاقة (أي اتصال) بحالة النزاع المسلح أم لا. هل تشكل أنشطتهم جزءًا لا يتجزأ من الأنشطة العسكرية لطرف في النزاع، وفي هذه الحالة قد يندرجون ضمن فئة المقاتلين (مثل الدعم المباشر للقاعدة لطالبان في أفغانستان عام 2001)؟ أم أن الأنشطة الإرهابية تقع من قبل مجموعة ليست طرفاً في النزاع ولكنها، على سبيل المثال، تستغل ضعف وضع الدولة في الأراضي التي تقوم فيها بأنشطة إرهابية لأغراض إيديولوجية خاصة بها (في هذه الحالة هم مجرمون ويجب معاملتهم مثل أي جماعة إرهابية أخرى خلال وقت السلم) والتي لا ترتبط أو تدعم الأطراف أو الأهداف العسكرية للنزاع المستمر.
ولهذه الأسباب، نشأ العديد من الخلافات والتعقيدات فيما يتعلق بتصنيف الجهات الفاعلة الإرهابية من غير الدول الذين لا يتناسبون بشكل مريح في أي من الفئتين المعترف بهما بموجب القانون الإنساني الدولي الذي يحكم النزاع المسلح الدولي، وهما "المقاتلون" و"المدنيون". ولذلك، تم استخدام مصطلحات وصفية (بدون اعتراف قانوني) مثل المقاتلين "غير القانونيين" للإشارة إلى جهات فاعلة من غير الدول تشارك في أنشطة مسلحة، ولكنها ليست بصفة عامة مقاتلين كما يفهمها القانون الدولي الإنساني من حيث أنها لا تستوفي عادةً المعايير القانونية اللازمة كما هو موضح أعلاه. وهذه الفئة من الأشخاص، التي لم يعترف بها القانون الدولي الإنساني رسمياً كما ذكر سابقاً، تختلف عن المدنيين الذين قد يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية ويفقدون وضعهم المحمي فقط أثناء قيامهم بذلك، وكذلك من أفراد "غير مميزين" من القوات المسلحة المنخرطين في الأعمال العدائية على أساس منظم ومستمر. وذلك لأن الأفعال الإرهابية ليس لها بشكل عام علاقة وثيقة أو سببية بما فيه الكفاية مع الجهات الفاعلة من غير الدول، أو، في الواقع، تصل إلى بعتبة الضرر المطلوب لدعم عملية عسكرية منسقة لتحقيق هدف عسكري مشروع. وإن الأعمال الإجرامية للجهات الإرهابية من غير الدول مصممة بدلاً من ذلك للاستفادة من أي ضعف في نظام القانون والنظام.
ومما يزيد من تعقيد هذه القضايا حقيقة أن الإرهابي قد يكون لديه تصنيفات متزامنة، في إطار نُهج العدالة الجنائية والقانون الدولي الإنساني. على سبيل المثال، يمكن اعتباره ومعاملته إرهابيًا بموجب القانون المحلي في الدولة التي يعمل فيها، ولكنه عضو في جماعة مسلحة منظمة لأغراض القانون الدولي الإنساني. وعلاوة على ذلك، من الممكن تصنيف شخص أو جماعة على أنهم "محاربون" لأغراض القانون الدولي الإنساني، ولكن للقيام بأنشطة إرهابية غير قانونية التي يحظرها القانون الدولي الإنساني ويعاملها بشكل عام على أنها جرائم حرب (مثل القتل العمد أو التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو التدمير واسع النطاق للممتلكات الذي لا تبرره الضرورة العسكرية ويتم تنفيذه بطريقة غير مشروعة وعشوائية). وبالمثل، في حالات النزاعات المسلحة غير الدولية، يمكن أن يرتكب العنف الإرهابي من قبل أي من الكيانات المعنية، بما في ذلك القوات المسلحة للدولة أو الجماعات المسلحة المنظمة أو المدنيين المشاركين في الأعمال العدائية (انظر المادة 3 (2) المشتركة من اتفاقيات جنيف والمادة 6 (5) البروتوكول الإضافي الثاني).
ومن المخاوف المحددة المتعلقة باستخدام مصطلحات مثل المقاتل "غير المميز" أو "غير القانوني" هو إساءة استخدامها لتزويد أنواع معينة من المحاربين أو المقاتلين بحقوق وحماية أقل مما يحق لهم بموجب القانون الدولي الإنساني.
ومن التطورات الهامة الجديرة بالملاحظة هنا أنه تم الاتفاق على تعريف لجريمة العدوان في نص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في عام 2010 خلال مؤتمر المراجعة رفيع المستوى. يعرّف نص المادة 8 مكرر جريمة العدوان بأنها "التخطيط، أو التحضير، أو الشروع، أو التنفيذ، من قبل شخص في وضع يسمح له بممارسة السيطرة على فعل سياسي أو عسكري من جانب دولة ما أو توجيهه، لفعل عدوان بطبيعته وخطورته ونطاقه يشكل انتهاكاً واضحاً لميثاق الأمم المتحدة". وعلى الرغم من أن التوصل إلى اتفاق دولي بشأن تعريف يمثل خطوة مهمة من حيث تطوير القانون الدولي وتدوينه، نظرًا لكون أحد عناصره هو أن الدولة فقط هي التي يمكن أن ترتكب جريمة العدوان، فإن هذه الجريمة الدولية لم تتم مناقشتها بمزيد من التفصيل في سلسلة النمائط الجامعية E4J هذه بما أن الجهات الفاعلة من غير الدول، والتي تركز عليها هذه السلسلة، لا تعتبر أنها تندرج بشكل عام ضمن نطاق المادة 8 مكرر (كوهين، 2012، الصفحتان 49 و50).
الظاهرة الحالية لـ "المقاتلين الإرهابيين الأجانب"
تتعلق ظاهرة حالية مثيرة للقلق بظاهرة "المقاتلين الإرهابيين الأجانب"،(FTFs)، أي مواطني إحدى الدول الذين يسافرون إلى الخارج للقتال إلى جانب الجماعات المسلحة من غير الدول في إقليم دولة أخرى. وفي الآونة الأخيرة، كان التركيز الرئيسي على المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى داعش في سوريا والعراق، والذين يشكلون الآن تهديدات متزايدة لبلدانهم الأصلية حيث تضعف داعش ويعود المقاتلون إلى ديارهم لمواصلة أنشطتهم الإرهابية العنيفة. وعلى الرغم من أن العدد الدقيق لمثل هؤلاء المقاتلين الأجانب غير معروف، تميل التقديرات إلى أن تكون بين 30,000 إلى 40,000، على الرغم من أنه ليس من المتوقع أن يحاول جميع هؤلاء المقاتلين العودة إلى ديارهم. وعلى سبيل المثال، تحدد ديباجة قرار مجلس الأمن 2178 (2014) (الفقرة 12) هذه الكيانات بأنها ذات أهمية خاصة، على الرغم من أن الجزء التشغيلي من القرار، بما في ذلك الإطار القانوني المفروض، عام.
ويحاول المجتمع الدولي، من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وعلى المستوى الوطني، كبح التهديدات ذات الصلة بعدد من الطرق، بما في ذلك من خلال الأساليب العسكرية، والاحتجاز، والملاحقة القضائية في الجرائم الإرهابية، وحظر السفر أو حتى إنكار الدولة (انظر الوحدة التعليمية 3). وعلى الرغم من أن معظم الأساليب المستخدمة فيما يتعلق بنُهج العدالة الجنائية/إنفاذ القانون، يمكن للقانون الدولي الإنساني أن يلعب دورًا مهمًا أيضًا. وكما هو الحال مع أي جهات فاعلة أخرى من غير الدول، يطبق القانون الدولي الإنساني عندما يكون لهؤلاء المقاتلين صلة بنزاع مسلح مستمر، بنفس الطريقة التي ينتهجها أي مقاتلين آخرين.
بقدر ما يتعلق الأمر بجنسية المقاتل، سيكون لهذا فقط بعض الأهمية لحالات النزاع المسلح الدولي لتحديد ما إذا كان المقاتل الأسير قد تم منحه وضع أسير الحرب من قبل الدولة المحتجزة (قد تمنح الدولة أو لا تمنح هذه الحالة المحمية إلى مواطنيها المقبوض عليهم، لا توجد ممارسة متسقة من الدول في هذا الشأن) أو يعامل كشخص محمي لغرض اتفاقية جنيف الرابعة. وحتى إذا لم يُمنح المقاتل وضعًا محميًا، فإنه في سياق النزاعات المسلحة الدولية سيحق له الحد الأدنى من الحماية التي تضمنها المادة 75 من البروتوكول الإضافي 1 الذي يعكس القانون الدولي العرفي. وأما في حالة النزاع المسلح الغير دولي، ليس لجنسية المقاتلين الأجانب أي أهمية على وضعهم أو كيفية معاملتهم إذا تم أسرهم؛ وتنطبق نفس القواعد كما هو الحال بالنسبة لأي مقاتل عاجل، أي المادة 3 المشتركة والبروتوكول الإضافي 2، بالإضافة إلى قواعد القانون الدولي العرفي الأخرى مثل شرط مارتنز.
التالي
العودة إلى الأعلى