نُشرت النسخة الإنجليزية لأول مرة في تموز (يوليو) 2018؛ نُشرت الترجمة العربية في نيسان (أبريل) 2021.
هذه الوحدة التعليمية هي مورد مرجعي للمحاضرين
القانون الدولي الإنساني والإرهاب ومكافحة الإرهاب
اندماج الإرهاب والصراع
فيما يتعلق بتطبيق القانون الدولي الإنساني على حالات الإرهاب ومكافحته، من المهم أن نفهم أن مصطلح "إرهابي" في حالات النزاع المسلح ليس له أي دلالة قانونية خاصة ولا يتم تعريفه في القانون الدولي الإنساني. وكما ذكر سابقاً، فإن الأعمال المسموح بها أثناء النزاع المسلح بموجب القانون الدولي الإنساني، مثل استهداف أهداف عسكرية مشروعة، لا تعتبر أعمالاً إرهابية. وبدلاً من ذلك، فإن مثل هذه الأعمال تشكل طبيعة النزاع المسلح، وبالتالي، لا ينبغي تعريفها قانونًا على أنها "إرهابية"، سواء بموجب القانون الدولي الإنساني أو أي هيئة أخرى من قواعد القانون الدولي (بما في ذلك الصكوك العالمية لمكافحة الإرهاب). وإن القيام بذلك قد يوحي بشكل خاطئ بأن مثل هذه الأفعال غير قانونية ويجب تجريمها. وبدلاً من ذلك، يتمتع الأشخاص الذين يشاركون بشكل قانوني في الأعمال العدائية المباشرة في النزاع المسح الدولي، على النحو المحدد في القانون الإنساني الدولي، بالحصانة التي يتمتع بها المقاتلون من المقاضاة من قبل الدولة الحاجزة بسبب أعمال الحرب المشروعة. وعلى النقيض من ذلك، يمكن مقاضاتهم جنائياً لارتكابهم أعمال غير قانونية، مثل الغدر التي تشكل جريمة حرب (دراسة بيجيك، 2012، الفصل 7، مفيدة بشكل خاص في صياغة هذا القسم).
وفي حين أن القانون الدولي الإنساني لا يعترف بـ "الإرهابيين" كفئة خاصة من الفاعلين في حالات النزاع المسلح، فإنه يعترف ويحظر الأنشطة "الإرهابية"، أي أن أعمال تصنف عادة على أنها "إرهابية" على أنها مفهومة في سياق الصكوك العالمية لمكافحة الإرهاب ونُهج العدالة الجنائية خلال وقت السلم، مثل ارتكاب أعمال عنف متعمدة ضد المدنيين أو الأعيان المدنية، تشكل جرائم حرب بموجب القانون الدولي الإنساني الذي يجب أن تُحاكم وفقا لذلك. وعلى سبيل المثال، يصنف أخذ الرهائن على أنه جريمة بموجب الاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن لعام 1979. وتحظر بالمثل المادة 3 المشتركة من اتفاقيات جنيف في حالات النزاعات المسلحة غير الدولية، والمادة 34 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحكم الحالات حيث الأفراد، الذين يجدون أنفسهم أثناء وجودهم في نزاع مسلح دولي أو الاحتلال، في أيدي طرف في النزاع أو سلطة احتلال ليسوا من رعاياها. كما يحظر البروتوكولان الإضافيان (المادة 75 (2) (ج) البروتوكول الإضافي الأول؛ والمادة 4 (2) (ج) البروتوكول الإضافي الثاني) أخذ الرهائن. كما يحظر القانون الدولي الإنساني بشكل كبير الهجمات العشوائية وغير المتناسبة التي لها خصائص مماثلة للهجمات الإرهابية سواء ارتكبت خلال وقت السلم أو في حالات النزاع المسلح (انظر كذلك، على سبيل المثال، المادة 51 من البروتوكول الإضافي الأول).
وبالإضافة إلى ذلك، يحظر البروتوكولان الإضافيان على وجه التحديد أعمال العنف أو التهديد بالعنف الذي يتمثل غرضه الأساسي في نشر الرعب بين السكان المدنيين أو أولئك الذين لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية. وتحظر المادة 51 (2) البروتوكول الإضافي الأول والمادة 13 (2) البروتوكول الإضافي الثاني على وجه التحديد هذه الأعمال الإرهابية أثناء سير الأعمال العدائية، وتنص على أنه "تحظر أعمال العنف أو التهديد به الرامية أساسا إلى بث الذعر بين السكان المدنيين". وإن صياغة هذا الحكم مهمة لأنها تهدف إلى التمييز بين الأفعال التي يكون غرضها الأساسي نشر الرعب (المحظور بموجب القانون الإنساني الدولي) وبين أعمال أو التهديدات بالعنف في السلوك العادي للنزاع، والتي من المحتمل أن تسبب الرعب بين المدنيين السكان، ولكن لا يكون هذا هو الهدف الأساسي منها ويسمح بها بموجب القانون الدولي الإنساني طالما يتم الامتثال لجميع القواعد الأخرى (انظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 1987، الفقرة 1940).
كما ذكرت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في شأن قضية غاليك، في تأكيدها شرط القصد الإجرامي العقلي، أن هذه الأفعال تقع ضمن الحظر العام للهجمات ضد المدنيين وأن طبيعة أعمال أو التهديدات بالعنف يمكن أن تختلف. وذكرت كذلك أن هذا الحظر مصدره ليس فقط قانون المعاهدات، ولكن القانون الدولي العرفي كذلك، الذي يشكل انتهاكه جريمة حرب. كما أن "الإرهاب" غير مسموح به صراحة في المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر "جميع تدابير التخويف أو الإرهاب" كجزء من العقوبة الجماعية التي يمكن أن تؤدي إلى حالة من الرعب، وكذلك في المادة 4 (2) (د) من البروتوكول الإضافي الثاني الذي يحظر ببساطة "في أي وقت وفي أي مكان مهما كانت ... أعمال الإرهاب".
وتحتوي العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المتعلقة بمنع الإرهاب وقمعه على شروط استثنائية تتعلق بالجيش وأوقات الحرب، تنص على أن أنشطة القوات المسلحة أثناء النزاع المسلح، التي يحكمها القانون الإنساني الدولي، لا تخضع للاتفاقيات. على سبيل المثال، تنص المادة 19 (2) من الاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل لعام 1997 على ما يلي:
لا تسري هذه الاتفاقية على أنشطة القوات المسلحة خلال صراع مسلح، حسبما يفهم من تلك التعابير في إطار القانون الإنساني الدولي، باعتباره القانون الذي ينظم تلك الأنشطة. كما لا تسري هذه الاتفاقية على الأنشطة التي تضطلع بها القوات المسلحة لدولة ما بصدد ممارسة واجباتها الرسمية بقدر ما تنظم بقواعد أخرى من القانون الدولي.
وإن تطبيق القانون الدولي الإنساني لا يمنع بأي شكل من الأشكال أو يعيق رد العدالة الجنائية على الأعمال الإرهابية، بما في ذلك تجريم التحريض والتآمر وتمويل الأعمال الإرهابية. وهو لا يمنع المجرمين من مساءلة أنظمة العدالة الجنائية. كررت/أكدت اللجنة الدولية مراراً وتكراراً أن الامتثال للقانون الدولي الإنساني لا يشكل بأي حال من الأحوال عائقاً أمام السلوك المشروع لعمليات مكافحة الإرهاب الفعالة. والواقع أن الاحترام الكامل للقانون الدولي الإنساني في أنشطة مكافحة الإرهاب هو مساهمة إيجابية في القضاء على الإرهاب، هدفه الرئيسي هو التقليل من سيادة القانون. يجوز المحاكمة على أي "انتهاكات جسيمة" للقانون الدولي الإنساني جنائياً ليس فقط من قبل الدول التي وقعت فيها الجريمة أو تأثر مواطنوها، ولكن من قبل أي دولة بموجب مبدأ الاختصاص القضائي العالمية؛ وإلا يطبق الاختصاص القضائي الدولي.
الخلافات والتعقيدات القائمة
من المرجح أن تستمر مثل هذه التعقيدات والخلافات ذات الصلة. وقد أدت طبيعة الحرب الحالية التي تقوم بها دول مجهزة ومنظَّمة ضد جماعات مسلحة سيئة التنظيم و/أو التجهيز في كثير من الأحيان إلى نمط غير متكافئ من النزاع. ويتضح ذلك من التفوق التكنولوجي والعسكري للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد طالبان والقاعدة في أفغانستان بعد تدخلها العسكري في عام 2001 وحتى انسحابها في عام 2016 (ولكن من المرجح أن يشهد إعادة نشر أعداد كبيرة من القوات، بما في ذلك من قبل الولايات المتحدة)، ومؤخرا من خلال الجهود الدولية لمواجهة داعش في سوريا والعراق. وغالبًا ما يؤدي التوازن غير المتكافئ للقوة العسكرية إلى أن تسير مجموعات المعارضة هذه تحت الأرض وتبني أساليب حرب مخالفة للقانون الدولي الإنساني. وتشمل الأمثلة وضع أنفسهم في وسط السكان المدنيين، وبالتالي تعريض المدنيين لمخاطر متزايدة وربما باستخدامهم كدرع بشري (يحظره القانون الإنساني الدولي)؛ والانخراط في أشكال حرب غير مشروعة، خادعة في بعض الأحيان (على سبيل المثال، ارتداء ملابس مدنية عند مهاجمة الخصم، وشن هجمات عشوائية، واستهداف أهداف مدنية غير قانونية وأشخاص محميين). وبالإضافة إلى ذلك، فإن الوصف غير الصحيح للأفعال التي تعتبر مشروعة بموجب القانون الإنساني الدولي على أنها "إرهابية" يقلل من التحفيز للجماعات المسلحة من غير الدول على الامتثال للقانون الدولي الإنساني، مع عواقب مماثلة. كما يمكن أن تؤثر العلامة الإرهابية سلبًا على احتمالية الحصول على عفو لإنهاء النزاع المسلح غير الدولي (المادة 6 (5) البروتوكول الإضافي الثاني).
وقد وضعت هذه التحديات وغيرها المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني تحت الضغط، مثل مفاهيم عدم المعاملة بالمثل والمساواة بين المتحاربين. والقانون الدولي الإنساني غير معني بشرعية أي قضية يلاحقها المحاربون (ربما باستثناء تقرير المصير)؛ بل تسعى إلى ضمان امتلاك جميع الأطراف في نزاع مسلح لنفس الحقوق والواجبات من أجل ضمان حماية متساوية للأشخاص والأعيان المحمية المتأثرة بأي نزاع، وهو ما لم يتم النص عليه في الأطر القانونية لمكافحة الإرهاب. كما أن القانون الدولي الإنساني لا يضفي الشرعية على الجماعات المسلحة من غير الدول التي هي طرف في النزاعات المسلحة غير الدولية (انظر، على سبيل المثال، المادة 3 من البروتوكول الإضافي الثاني الذي يؤكد من جديد سيادة الدول، بما في ذلك مسؤوليتها في الحفاظ على القانون والنظام الداخلي). وحيثما لا يحترم مبدأ عدم المعاملة بالمثل، فإنه يقلل من استعداد القوات المسلحة التابعة للدولة والجماعات المسلحة من غير الدول للامتثال التام للقانون الإنساني الدولي، مما يزيد من تعريض السكان المدنيين للخطر.
وهذه التآكلات وغيرها من المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني كانت وما زالت تشكل سبباً للقلق الشديد للجنة الدولية بصفتها حارسة القانون الدولي الإنساني. والواقع أن بعض الأشكال الحديثة للردود والخطابات المتعلقة بمكافحة الإرهاب أدت إلى عدم وضوح المعايير المفرقة بين النزاع المسلح والإرهاب، مما يعرض للخطر المبادئ التي يقوم عليها القانون الدولي الإنساني. على سبيل المثال، فإن الرد المشترك من قبل بعض الدول على العنف الذي ترتكبه الجماعات المسلحة من غير الدول هو تحديد ذلك على أنه "إرهابي" بطبيعته عندما يتم النص عليه في الواقع بموجب القانون الدولي الإنساني. ويمكن تفسير ذلك جزئياً بتردد/بتثاقل/عدم رغبة الدول في منح أي شكل من أشكال الاعتراف أو الشرعية للجماعات المسلحة من غير الدول العاملة على أراضيها، بما في ذلك من خلال تصنيف أي كفاح مسلح داخلي على أنه نزاع مسلح غير دولي.
وهناك أثر آخر محتمل لاستخدام الدول علامة "الإرهابيين" بسهولة تامة وهو أنه يمكن أن تكون له عواقب سلبية غير مقصودة، مثل تجريم تقديم المساعدة الإنسانية بطريقة مشروعة وملائمة. ويمكن أن تنشأ هذه الحالة عندما يتم تصنيف جماعة مسلحة من غير الدول، والتي تكون طرف نزاع مسلح غير دولي، على أنها منظمة إرهابية. وقد يؤدي ذلك إلى أن تصبح المجموعة منظمة إرهابية محظورة على المستويين الحكومي والحكومي الدولي، بما في ذلك داخل منظومة الأمم المتحدة. ويمكن لهذا الحظر بدوره أن يحظر الدعم الإنساني العادي الذي قد يشكل أفعالاً إجرامية (غير مشروطة) لتقديم "الدعم المادي" و"الخدمات" و"المساعدة" للمنظمات الإرهابية أو "الارتباط"بها. ورداً على ذلك، أبرزت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في تقريرها لعام 2011، الحاجة إلى زيادة فهم الدول للحاجة إلى تحسين تنسيق السياسات الإنسانية وسياسات مكافحة الإرهاب والالتزامات القانونية من أجل تحقيق أهدافها وعدم تقويضها (اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 2015). وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة الدولية لديها تفويض قائم على أساس المعاهدات والقانون، بما في ذلك بموجب اتفاقيات جنيف، للتعامل مع الجماعات المسلحة من غير الدول، بما في ذلك كجزء من دورها الرئيسي في تشجيع تعزيز واحترام القانون الدولي الإنساني من قبل جميع أطراف النزاع.
التالي
العودة إلى الأعلى