هذه الوحدة التعليمية هي مورد مرجعي للمحاضرين
الموضوع الخامس: تحسين استجابة العدالة الجنائية للعنف ضد الأطفال
هناك العديد من الصعوبات المتعلقة بالدور الذي يلعبه نظام العدالة الجنائية في الاستجابة للعنف ضد الأطفال، وحماية الأطفال الضحايا، فيكون نظام العدالة الاجتماعية مسؤولًا عن إحضار مرتكبي العنف ضد الأطفال إلى العدالة وحماية الأطفال ضحايا العنف، والتعاون بشكل وثيق مع الأنظمة الأخرى (التعليم، والرعاية الاجتماعية، وحماية الطفل، والصحة)، فهنالك العديد من الإجراءات الاستباقية التي يمكن للشرطة اتخاذها؛ للكشف عن جرائم العنف ضد الأطفال (الأمم المتحدة، 2014، المادة 19). ومن بين أمور أخرى، يمكن توفير التوجيه والتدريب لضباط الشرطة في الخطوط الأمامية عن كيفية التعرف على الأشكال المختلفة للعنف ضد الأطفال، بالإضافة إلى كيفية التعرف على العلامات التي ممكن أن تضع الأطفال في خطر أو ضحايا للعنف.
وتتحمل الشرطة مسؤولية الانخراط في التحقيقات الاستباقية للعنف المشتبه به ضد الأطفال، سواء كان هناك شكوى رسمية مسجلة أم لا، علاوة على أنه تقع المسؤولية الأساسية لبدء التحقيقات والمحاكمات على عاتق الشرطة، والنيابة العامة، والسلطات المختصة، كما أنه يجب تخصيص المصادر الكافية لهذه التحقيقات، وبالتالي، يجب تحديد التحقيق والملاحقة القضائية في جرائم العنف ضد الأطفال بشكل رسمي وعملي كأولوية للنظام، ويجب أن يكون لدى الموظفين المسؤولين عن التحقيق القوة والسلطة للحصول على جميع المعلومات اللازمة لإكمال هذا التحقيق بنجاح (الأمم المتحدة، 2014، المادة 19 و20، مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، 2015 أ، 2015 ب).
عادةً ما تكون الاستجابة التنفيذية الأكثر فعالية لحوادث العنف ضد الأطفال من خلال نميطة متكاملة، ومتعددة التخصصات، ومتخصصة يمكنها الاستجابة بسرعة وبشكل كامل للاحتياجات الطبية، والنفسية، والاجتماعية، والقانونية للطفل، بالإضافة إلى حاجته/حاجتها للحماية، كما ينبغي النظر إلى إنشاء هذه النميطة المتخصصة بغية وضع نظم أخرى؛ لتعزيز إطار البيئة الوقائية للأطفال.
آليات الكشف والإبلاغ الفعالة هي صميم أي جهد لحماية الأطفال ضد العنف.
ومع ذلك، فإن سعة نظام العدالة الجنائية على التدخل بشكل استباقي لحماية الأطفال ضد العنف عادة ما تكون محدودة للغاية، وعاجزة تمامًا ما لم توجد آليات لتقديم الشكاوى والإبلاغ لتحديد حالات العنف.
كما ينبغي على نظام العدالة الجنائية أن يعتمد على التقارير والشكاوى التي تنشأ من قبل الأطفال أنفسهم، والآباء، ومقدمي الرعاية، والبالغين الآخرين من حولهم، ومختلف المهنيين، ومع ذلك، قد لا يثق الأطفال في الشرطة، لأسباب وجيهة في العديد من الأحيان، أو لعدم درايتهم بالمساعدة التي من المحتمل أن تكون متاحة لهم عند تعرضهم للإيذاء، وكثيراً ما يخشون التعرض للعامة، والتشهير، والمضايقة، والانتقام إذا تم الإعلان عن حوادث العنف هذه، لذا فإنه مهم للغاية وجود آليات إبلاغ آمنة وسهلة المنال (الممثل الخاص للأمين العام، 2016). وقد يرغب المحاضرون في التفكير فيما إذا كانت هناك آليات فعالة لتقديم الشكاوى والإبلاغ في بلادهم. فهل ينص القانون، على سبيل المثال، على خلق التزام قانوني لفئات مختلفة من المحترفين والمسؤولين للإبلاغ عن جرائم العنف ضد الأطفال للسلطات؟ وما هي نقاط قوة وضعف هذه الآليات؟ فيمكن الرجوع إلى تقرير الممثل الخاص للأمين العام المعني بتقييم طلبات المساعدة على آليات مأمونة ومراعية للطفل لإسداء المشورة وتقديم الشكاوى والإبلاغ من أجل التصدي لحوادث العنف ضد الأطفال (2012)؛ للحصول على أمثلة مفيدة.
ويجب طرح سؤالين عند مراجعة آليات إعداد التقارير الحالية:
- هل هناك إجراءات وآليات آمنة وملائمة للأطفال ومراعية للاعتبارات الجنسانية للضحايا وغيرهم للإبلاغ أو الشكوى بشأن حوادث العنف ضد الأطفال؟
- هل هذه الآليات يمكن الوصول إليها بسهولة لجميع الأطفال وممثليهم أو طرف ثالث دون خوف من الانتقام أو التمييز؟
وتقترح الاستراتيجيات النموذجية للأمم المتحدة (قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 18/2014) أنه يجب على الدول ضمان أن " يكون المهنيون العاملون في نظام العدالة الجنائية الذين يحتكون بالأطفال احتكاكا روتينيا أثناء عملهم على دراية بعوامل المخاطر وبالمؤشرات الدالة على شتى أشكال العنف، خاصة على الصعيد الوطني، وأن يكونوا قد تلقوا إرشادات وتدريبات بشأن كيفية تفسير تلك المؤشرات، وأن يتوافر لديهم ما يلزم من معرفة واستعداد وقدرة على اتخاذ الإجراءات المناسبة، بما في ذلك توفير حماية فورية" (قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 18/2014 المادة 19 ب).
وهناك إجراء آخر يجب النظر فيه بجدية من أجل تسهيل الإبلاغ عن العنف ضد الأطفال، وخاصًة عندما يكون هؤلاء الأطفال صغار جدًا وليس لديهم القدرة على الاعتماد على أنفسهم، وهو خلق التزام قانوني لمجموعات معينة من المهنيين الذين هم على اتصال روتيني بالأطفال (أي الأطباء، والممرضين، والمعلمين)؛ لإخطار السلطات عندما يشتبهوا بوجود طفل، أو من المحتمل أن يصبح ضحية عنف (الأمم المتحدة، 2014، المادة 19ج).
والأهم من ذلك، يجب أن يتم إنشاء آليات من قبل القانون لتقديم الشكاوى، والإبلاغ، والمشورة المراعية للأطفال، ومراعاة الفوارق بين الجنسين (والإجراءات ذات الصلة)، بالإضافة إلى أنه يجب أن تُحترم حقوق الطفل، وأن تكون سهلة على جميع الأطفال وومثليهم دون الخوف من الانتقام أو التمييز (الأمم المتحدة، 2014، المادة 19 د). كما يجب حماية الأشخاص، وخاصة الأطفال، الذين يبلغون بحسن نية عن حوادث مزعومة ضد العنف ضد الأطفال بموجب القانون ضد جميع أشكال الانتقام (الأمم المتحدة، 2014، المادة 19 د).
النهج المراعي للأطفال هو نهج حساس لاحتياجات الأطفال ومستوى نموهم، ويأخذ بعين الاعتبار المخاطر ونقاط الضعف الخاصة بالعمر والجنس ويحترم كرامتهم وسلامتهم.
بمجرد تحديد الضحايا من الأطفال، ينبغي على نظام العدالة الجنائية أن يفعل ما بوسعه، بطريقة مراعية للأطفال، وبالتعاون مع وكالات حماية الطفل، حماية هؤلاء الأطفال من المزيد من الإيذاء والإذلال والصدمات. كما أنه مهم بالنسبة للشرطة، والمحاكم، والسلطات المختصة أن تتمتع بالسلطة القانونية لإصدار وإنفاذ تدابير الحماية مثل تقييد أو منع الأوامر في حالات العنف ضد الأطفال، بما في ذلك إبعاد الجاني من محل الإقامة وحظر مزيد من الاتصال مع الضحية، وكذلك فرض عقوبات على انتهاكات تلك الأوامر (قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 18/2014، المادة 20 و). ومن المهم بنفس القدر التأكد من أن تدابير الحماية هذه، عند وجود السلطة القانونية، يتم تنفيذها بجد وثبات وأن أي انتهاك لأي أمر أمرت به المحكمة أمر يتم التعامل معه بجدية (الأمم المتحدة، 2014، المادة 20 ز). ولضمان تنفيذ أوامر الحماية، يصبح من المهم إنشاء نظام تسجيل وظيفي (أو سجل) لتتبع هذه الأوامر وتمكين الشرطة والمسؤولين الآخرين من تحديد ما إذا كان هذا الأمر ساريًا. وفي كثير من الحالات، قد يسمح القانون أو حتى يشجع على تسوية غير رسمية للقضايا التي تنطوي على العنف ضد الأطفال. تحتاج القوانين وممارسات التسوية والوساطة غير الرسمية الحالية إلى مراجعة دقيقة للتأكد من أنها لا تنطبق إلا فيما يتعلق بمبدأ مصالح الطفل الفضلى.
ومن الواضح أن النهج الذي تسير به التحقيقات والإجراءات القضائية مهم للغاية، وسلامة الطفل هي الاعتبار الأساسي. وهناك حاجة إلى التدريب، والسياسات التنفيذية، وأدوات التوجيه، والإشراف الفعال، وذلك من أجل ضمان إجراء التحقيق بما في ذلك جمع الأدلة، بطريقة حساسة للطفل واحترام كرامته ونزاهته. وللحصول على مزيد من المناقشة حول استجابة نظام العدالة الجنائية إلى العنف ضد الأطفال، يُرجى الاطلاع على الوحدة التعليمية 13 حول العدالة للأطفال من سلسلة الوحدات التعليمية الجامعية "التعليم من أجل العدالة" حول منع الجريمة والعدالة الجنائية.
التالي: الموضوع السادس: معالجة العنف ضد الأطفال داخل النظام القضائي
العودة إلى الأعلى