القاضية مينا سوغراتي
في الدار البيضاء في المغرب، وكذلك رئيس اتحاد القضاة المغاربة، والفصل المغربي من الرابطة الدولية للقضاة . يرجى ملاحظة أن جميع الآراء المعرب عنها في هذا المنشور هي آراء المؤلفون، الذين هم خبراء خارجيون، ولا يعكس بالضرورة الموقف الرسمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
______________________________
كقاضية مغربية وبصفتي عضوة في الجمعية الدولية للقضاة (IAWJ) ، وأنا أومن بشدة أن الفساد والممارسات غير الأخلاقية تؤثر بشكل كبير على التنمية والتقدم، بالإضافة إلى إعاقة استقرار الدول. ويتطلب منع الفساد القضائي التآزر من أجل توطيد مبدأ النزاهة وإضفاء الطابع الرسمي على الحياة العامة، وكذلك ربط المسؤولية بتحديد الفساد ومكافحته. وفي هذا السياق، يعمل القضاء المغربي على تحسين آليات الإبلاغ عن الفساد، وكذلك استهدافه داخل الجهاز القضائي نفسه .
فعلى سبيل المثال فقد دأب النظام القضائي المغربي، على تحديث وتحسين ممارساته للتصدي للفساد بشكل عام. وفي هذا الصدد، جرى إنشاء آليات حديثة للإبلاغ لإعداد التقارير (أي أن الشرطة والنيابة العامة تفتح تحقيقًا بعد تقديم شكوى). وجرى دعم هذه الآليات من خلال إصدار قانون جديد لحماية الشهود والمبلغين والضحايا والخبراء (القانون رقم 10/37) وإطلاق الخط الساخن المجاني لوزارة العدل في حزيران /يونيو 2015. ويوفر هذا الخط المعروف باسم "الخط الأخضر"، آلية سريعة وسهلة للسيطرة على الجناة في حالة التلبس بالجريمة. واستثمرت الوزارة أيضا في جعل موقعها على شبكة الإنترنت أفضل وأكفأ قدر الامكان، مما يجعلها مصدراً مثاليا للمعلومات للجمهور.
ومن الأهمية بمكان أيضا التأكد من أن النجاح الإجرائي يمثل معلماً نحو تحقيق أعلى، لأن السلوك غير الأخلاقي يتطور أيضا.
في عام 2018، وُلد كيان جديد - مركز الإبلاغ عن الفساد والرشوة (CRCB) وهو فريق متخصص من 12 وكيلًا يتيح تفاعلًا مباشرًا أكثر مع المواطنين، وبالتالي يجعل هناك استجابة أكثر كفاءة في الوقت. وجرى الإعلان عن خط الهاتف المباشر وتم إنشاء خط الفاكس للمواطنين الذين يشعرون براحة أكبر مع هذه الوسيلة لكى يتلقى المركز المكالمات التي تقوم بالإبلاغ عن أي جرائم فساد مالي (ابتزاز، اختلاس، استغلال النفوذ، خيانة، إلخ). وعندما يتلقى مركز الاستقبال مكالمة، فإنه يحيلها إلى القاضي المعين الذي ينسق مع المدعي العام في المدينة التي يوجد فيها المواطن لإلقاء القبض على المشتبه فيه.
كما تحققت إنجازات في المغرب في مجال الإبلاغ عن الفساد المرتبط بنوع الجنس. في إطار تمكين المرأة من الدفاع عن حقوقها، ومن أجل استعادة الثقة في الجهاز القضائي، اتحاد قاضيات المغرب.
ينفذ مشروع "المعايير الجديدة للنزاهة والمساءلة: الاعتراف بأثر الفساد على المرأة".
وعلى هذا الأساس، تنظم حلقات عمل للقضاة في مختلف الدوائر القضائية في المغرب للتعريف بظاهرة الفساد الجنسي التي تُطلب فيها خدمات جنسية مقابل الخدمة. ويتجلى هذا الشكل من الفساد، والذي وصفته IAWJ بأنه ;ابتزاز جنسي، في الجامعات وأماكن التوظيف (في كل من القطاعين العام والخاص) وفي المحاكم. ومن خلال المناقشات بين القضاة والمدعين العامين أثناء حلقات العمل، أصبح من الواضح أن أهم تحد هو الإبلاغ. فالعار والخوف من الوصم، بالإضافة إلى الافتقار إلى القوانين، والشهود، وصعوبة إثبات الادعاءات، يجعل الضحايا يتحملون الضرر ويبقون صامتين بدلا من الإبلاغ.
ومن بين التوصيات المقترحة في نهاية حلقات العمل الحاجة إلى التصدي للفساد داخل الجهاز القضائي نفسه. واقتُرح إضافة مادة للابتزاز الجنسي كعمل غير أخلاقي في مدونة قواعد السلوك القضائي وفي مبادئ بنغالور للسلوك القضائي، على وجه التحديد، في إطار التعليق على مبدأ النزاهة.
وأخيرا، وبفضل جميع وسائل الإبلاغ التي أصبحت متاحة لضحايا الفساد من النساء المغربيات، لا يسعني إلا أن أقول لهم: "لا تخجلوا، ولا تخافوا من الإبلاغ ، والدفاع عن أنفسكم ، وإدانة من يستغلونك في الجهاز القضائي الذي نسعى إلى استقامته!".