مقال رأي بقلم يوري فيدوتوف، المدير التنفيذي
يحتفل العالم يوم 9 كانون الأول/ديسمبر من كل عام باليوم الدولي لمكافحة الفساد. ونحن لا نتعامل مع هذا الاحتفال كوسيلة للتوعية فحسب، ولكن أيضاً باعتباره فرصة لعرض السبل المبتكرة التي يمكن للناس والمنظمات اللجوء إليها معاً لمكافحة هذه الآفة.
فالفساد يؤثر في كل واحد منا: ذلك أنَّ رعايتنا الصحية تتأثر عندما تُسرق الأموال المخصصة لشراء المعدات الطبية؛ وتتضرر أنظمتنا التعليمية عندما تُستنـزف الميزانيات المدرسية على نحو مخالف للقانون؛ وتتقوض مؤسساتنا السياسية عندما تُدفع الرشاوى وتُلتمس.
وقد وضعت خطة التنمية المستدامة لعام 2030 المفضية إلى التحول، التي التزم بها العالم في العام الماضي، الجهود المبذولة لمكافحة الفساد في سياقها الصحيح، ومنحتنا منظوراً جديداً. ذلك أنَّ منع الفساد ومكافحته استثمار أساسي في البنى التحتية التي يتعين علينا إرساؤها لتحقيق أهداف خطة التنمية لعام 2030. والتحدي الذي نواجهه إنما هو إرساء وتدعيم مؤسسات فعالة وشفافة وخاضعة للمساءلة على جميع المستويات.
ولذا فإنَّ المهمة الماثلة أمامنا هي وضع معيار جديد لا يُعتبر الفساد بموجبه جزءاً من الحياة أو جزءاً من ممارسة الأعمال التجارية ولا يُنظر بمقتضاه إلى الإفلات من العقاب باعتباره أمراً مقبولاً.
لكن ما الذي يمكننا القيام به لتحقيق ذلك؟
في العام الماضي، اجتمع أبرز صانعي السياسات والممارسين الذين يتعاملون مع منع الجريمة والعدالة الجنائية في العالم في الدوحة لحضور مؤتمر الأمم المتحدة الثالث عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية. واعتمد أكثر من 000 5 شخص من جميع أنحاء العالم إعلان الدوحة، وهو التزام جليل وقوي من حكومات العالم بالترويج لمجتمعات مسالمة وخالية من الفساد وشاملة للجميع لأنها تُعتبر أساسية لتحقيق التنمية المستدامة.
واتخذ المكتب الذي أنتمي إليه، أي مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدِّرات والجريمة، مجموعة من الإجراءات الملموسة لمساعدة البلدان على بناء المؤسسات ووضع التدابير اللازمة لتنفيذ إعلان الدوحة، ومن ثمَّ منع ومكافحة الجريمة، بما فيها الفساد.
وتتمثل إحدى ركائز هذا البرنامج في مبادرة "التعليم من أجل العدالة" التي تعمل مع المدارس الابتدائية والثانوية ومؤسسات التعليم العالي. وهي ترتئي منع الجريمة من خلال الأنشطة التعليمية والمناهج الدراسية التي ستساعد المربين على تعليم الأجيال المقبلة كيفية فهم ومعالجة المشاكل التي تقوض سيادة القانون. ونعتقد أنَّ أفضل طريقة لإنشاء المجتمعات المسالمة والخالية من الفساد والشاملة للجميع من أجل تحقيق التنمية المستدامة هي أساساً ترسيخ ثقافة احترام القانون.
ويُعتبر ترسيخ احترام سيادة القانون وغرس قيمه الأساسية بين من سيصبحون البالغين في عالم المستقبل من العناصر المكمِّلة مباشرةً لأنشطتنا المتعلقة بتعزيز الأطر القانونية والمؤسسية في يومنا الحاضر. ويعمل المكتب، بصفته القَيِّم على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مع الدول على أساس يومي لبلورة تدابير التصدي لهذه الجريمة. فالاتفاقية هي الصك الدولي الوحيد الملزِم قانوناً المتاح للعالم لمكافحة الفساد. وتكاد الاتفاقية، التي بلغ عدد الدول الأطراف المصدقة عليها 180 دولة، أن تكون صكًّا يحقق المشاركة العالمية، وهي مدعومة بآلية لاستعراض الأقران حيث تقيِّم الدول الأطراف التقدم المحرز صوب التنفيذ الفعال.
دعونا نعمل معاً، في هذا اليوم الدولي لمكافحة الفساد، لبناء "قاعدة جديدة"؛ قاعدة تقوم على احترام سيادة القانون واستئصال شأفة الفساد.