الضفة الغربية، فلسطين – 20 مايو 2024
يعمل أعضاء النيابة العامة الفلسطينية على ضمان الحماية والعدالة القانونية للناجيات من العنف في الضفة الغربية، بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة من خلال برنامج حياة المشترك.
تلعب خدمات النيابة العامة دورا حاسما في محاسبة مرتكبي العنف وتحقيق العدالة للناجيات خاصة في المناطق المتضررة من النزاع والحربكما يحدث حاليا في الضفة الغربية غزة. غالبا ما تعاني الناجيات من أذى كبير، جسدي ونفسي على حد سواء، اضافة الى ذلك قد تزداد الحاجة الى هذه الخدمات التي غالبا ما ينقصها بعض الموارد، او تكون خارجة عن الخدمة، كما ويعد الوصول إلى الخدمات بما في ذلك خدمات العدالة أمرا ضروريًا في بداية رحلة الناجيات نحو الشفاء والتعافي.
"أنصح كل فتاة وكل امرأة التبليغ عن العنف وطلب الحماية دون تردد أو خوف عندما تتعرض لأي شكل من أشكال العنف."
وكيل النيابة عبد اللطيف ناطور والمكلف في نيابة حماية الأسرة من العنف (على اليسار) يقدم مشورة لناجية من العنف تبحث عن الخدمات القانونية. الصورة ©عبد اللطيف ناطور.
تشارك سارة، البالغة من العمر خمسة وعشرين عامًا، قصتها حيث تعرضت للعنف النفسي والجسدي من زوجها الذي كان يمارس الضغط عليها لدفعها المطالبة بالطلاق والتخلي عن حقوقها المالية. ثم تخلى عنها هي وابنتها.تقول: "كنت محبطة نفسياً وخائفة، وتجنبت مخالطة المجتمع فكنت اشعر بالوحدة والحزن بشكل دائم."
بالنسبة لسارة، تغير كل شيء عندما تم تحويلها إلى المرشدة الاجتماعية في وزارة التنمية الاجتماعية بعد تعرضها للعنف على يد زوجها، وفقا لنظام التحويل الوطني الذي يحدد البروتوكولات والممارسات الفضلى للناجيات من العنف. تقول سارة إن المرشدة الاجتماعية شكلت مصدرا دائما للدعم، في ذلك الوقت وبالتوازي مع خدمات الحماية المقدمة لها، قامت بتحويلها إلى نيابة حماية الاسرة من العنف في النيابة العامة والتي من ضمن احدة اختصاصاتها التحقيق والترافع في الجرائم الواقعة على النساء داخل الاسرة. استمع وكيل النيابة إلى أقوالها حيث تم توجيه اتهامات ضد زوجها وبالتعاون مع الوحدات الأخرى التي تقدم الدعم للناجيات، تم مساعدة سارة في الحصول على حقوقها المالية من خلال القضاء الشرعي. وكذلك التنسيق مع وزارة الصحة لتقديم الدعم النفسي لسارة. تضيف سارة: "كنت في بداية الامر اشعر بالخوف الشديد ومرهقة نفسياً، ولكن منذ أول اجتماع لي مع النيابة العامة، اصحبت انسانة قوية.
تحيا سارة اليوم حياة أفضل بكثير. تقول: " تغيرت حياتي بشكل أفضل، واصبحت انسانة واعية وقادرة على حل اي مشكلة تواجهنيواصبحتأكثر قوة واستقلالية من ناحية نفسية واجتماعية وقانونية وقادرة على مخالطة المجتمع بدون اي عائق واصحبت ام مثالية ورائعة لأحلى بنت بحياتي." تتمنى سارة الشيء نفسه لجميع الناجيات من العنف، وتقول: "يجب توعية جميع النساء بتلك الخدمات."
في فلسطين، تتعرض اثنتان من كل ثلاث نساء تم تزويجهن للعنف على يد أزواجهن، كما وتتعرض اثنتان من كل خمس نساء غير متزوجات للعنف على يد أفراد عائلتهن. نختار أكثر من نصف هؤلاء النساء الصمت، إما بسبب خوف من التبعات أو عدم تصديق الآخرين لشهادتهن، أو في محاولة لحماية الآخرين.
يُعتبر توفير خدمات الدعم للضحايا والناجيات من العنف أمر ضروريفي فلسطين، وتشمل هذه الخدمات خدمات الرعاية الصحية، والعدالة والشرطة، والخدمات الاجتماعية. تعتبر وحدة حماية الأسرة للناجيات من العنف في النيابة العامة الفلسطينية جزءا أساسيا من حزمة الخدمات الأساسية. يجري وكلاء النيابة العامة التحقيق في قضايا العنف من خلال سلسلة الإجراءات القضائية، بما في ذلك الاستئناف والنقض، حتى يتم إصدار القرار النهائي من قبل المحكمة. كما ويعمل وكلاء النيابة على متابعة وملاحقة المتسببين في الجرائم الجنائية مع ضمان السرية والحقوق القانونية والحماية وذلك لتحقيق العدالة للنساء اللواتي تعرضن للعنف.
بالشراكة مع مكتب النائب العام ومن خلال برنامج حياة المشترك، قام مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بتدريب العديد من وكلاء النيابة في الضفة الغربية للتعامل بشكل أكثر فعالية مع حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي من منظور الطب الشرعي فيما يتعلق بالتوثيق والتعامل الأمثل مع الأدلة الجنائية. وركز هذا التدريب على التزامات وكلاء النيابة العامة تجاه الناجيات والاستخدام الفعال للأدلة وإجراء التحقيقات الشاملة ودعم المتضررات نفسياً من العنف.
يقول وكيل النيابة والمكلف في نيابة حماية الأسرة من العنف عبد اللطيف ناطور، البالغ من العمر تسعة وثلاثين عامًا، والذي شارك في احدى الدورات التدريبية: "أضاف التدريب العديد من المهارات من خلال الاطلاع على عدة مواضيع في الطب الشرعي وكيفية التعامل مع الناجيات من العنف منخلال نظام التحويل الوطني بالإضافة كيفية سماع الاقوال والتحقيق في قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي". ويضيف إن تطبيق هذه المعرفة الجديدة ساعده وزملاءه على الاستجابة بشكل أفضل لحالات العنف ضد النساء.
تشير مديرة برنامج حياة المشترك، حزام طهبوب إلى أهمية تكاثف الجهود لتحسين وصول النساء الناجيات من العنف الى العدالة: "يمثل برنامج حياة المشترك، من خلال مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، جزءاً من مجموعة جهود واسعة ومكثفة في فلسطين بما في ذلك جهود الهيئات الأممية الأخرى والمجتمعة في برنامج الأمم المتحدة المشترك "سواسية" الذي يعمل على تعزيز سيادة القانون والعدالة القائمة على النوع الاجتماعي وحقوق الإنسان في فلسطين."
سيقوم مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بمواصلة الشراكة مع مكتب النائب العام لتطوير قدرات وكلاء النيابة فيما يتعلق بتحسين جودة الخدمات المقدمة للناجيات بالرغم من وجود بعض التحديات أهمها قلة عدد مراكز الحماية للناجياتوغياب قانون يحمي الأسرة من العنف وينظم الإجراءات ضد المتسببين فيه.
ويقول وكيل النيابة عبد اللطيف تتلخصبعض الخطوات الأولية لمواجهة هذه العقبات في إنشاء مناطق خاصة في قاعات المحاكم لضمان سرية قضايا العنف، مثل انشاء محكمة متخصصة في نابلسمن قبل برنامج سواسية واقرار قانون حماية الأسرة من العنف، وتعيين قضاة متخصصين لقضايا النف القائم على النوع الاجتماعي.
يسخر وكيل النيابة عبد اللطيف وزملاؤه جهودهم لتحقيق العدالة للناجيات من العنف. يقول عبد اللطيف إن الدافع الأساسي عنده هو الوصول الى فلسطين خالية من العنف: يقول: "آمل ان تكون الاسرة الفلسطينية خالية من العنف وتعيش بسلام وكرامة وتتمكن النساء الفلسطينيات من الوصول الى العدالة."
تستطيع الناجيات من العنف في الضفة الغربية الاتصال بخدمات العدالة عبر الاتصال بالرقم 100 للشرطة الفلسطينية وعبر خط المساعدة المباشر لوحدة حماية الأسرة على الرقم 106، الذي يعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، أو عن طريق التوجه إلى مقر وحدة حماية الأسرة، أو أقرب مركز للشرطة، أو التواصل مع مؤسسات نسوية حقوقية. للحصول على الدليل الكامل للخدمات المتوفرة في فلسطين، يُرجى الضغط على الرابط هنا.
****
*العنف القائم على النوع الاجتماعي أي فعل عنف قائم على أساس النوع الاجتماعي، ويؤدى أو من شأنه ان يؤدي إلى ضرر بدني، أوجنسيأ ونفسيأ ومعاناة، بما في ذلك التهديد بارتكاب هذه الاعمال، او الارغام عليها أو الحرمان التعسفي من الحرية سواء في الحياة العامة أو الخاصة.
*سارة هو اسم مستعار يُستخدم للحفاظ على خصوصية الناجية.
بتمويل من حكومة كندا وتنفيذ مشترك من قبل هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، وبرنامج موئل الأمم المتحدة ، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، يسعى برنامج حياة المشترك إلى القضاء على العنف ضد النساء والفتيات من خلال تقليل الممارسات والسلوكيات الضارة التي ترسخ وتديم العنف، وزيادة وصول النساء والفتيات إلى الخدمات المستجابة للنوع الاجتماعي للناجيات من العنف، وتعزيز القدرة المؤسساتية على تطوير وتنفيذ الأطر القانونية والسياساتية التي تحمي وتعزز حقوق النساء والفتيات فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة.